التخطي إلى المحتوى
جهاز الأمن وهوس الجاسوسية الروسية

جهاز الأمن وهوس الجاسوسية الروسية

“لستُ مذنباً” هذه هي الجملة الوحيدة التي نطق بها إيفان سافرونوف عندما تم أخذه إلى المحكمة والاغلال على يدية من قبل أثنين من رجال جهاز الأمن.

إن اعتقال المراسل العسكري “سافرونوف” السابق بتهمة ادعاء جهاز الأمن الاتحادي، إف إس بي، بأنه قام بالكشف عن أسراراً تخص الدولة الروسية للمخابرات التشيكية.

وهذا الأدعاء قد اثار الدهشة لدى الصحفيين الروس حيث وقد وصفوا هذا الأمر بأنه “سخيف”.

ومن جانبه شجع الكرملين الجهود الرائعة التي قام بها جهاز المخابرات الروسية في مواجهة أنشطة التجسس.

ولكنه لم يصرح للرأي العام الروسي عن أي دليل على خيانة المراسل العسكري إيفان سافرونوف.

ويرى البعض الى أن اعتقال سافرونوف ماهو إلا محاولة إظهار القوة من قبل جهاز الأمن الاتحادي.

خصوصا في هذه الفترة التي تزايدت فيها عمليات الاعتقال بتهمة الخيانة والتجسس لدرجة أنه أثار الحديث عما يسميه بعضهم “هوس الجاسوسية” في روسيا.

 

آخر مرة اتُهم فيها صحفي روسي بالخيانة:

غريغوري باسكو مراسلا عسكريا، هو آخر متهم بالخيانة وكان ذلك في عام 1997.

كان باسكو قد كتب بشكل الكثير عن الانتهاكات البيئية التي قام بها جهاز الأمن الروسي وتم القبض علية بتهمة نقل معلومات سرية إلى اليابان.

ورغم حكم المحكمة الذي صدر ببراءة باسكو في البداية ألا إنه في عام 2001 تم إستئناف محاكمتة وحُكم عليه بأربع سنوات سجن.

ولكن ما لبث الا وقد تم اطلاق سراحه في نهاية المطاف لكن بموجب شروط بعدما أثارت قضيتة غضباً واسعاً في الداخل والخارج.

وقال متذكرا تلك الحادثة: “كان أول ما تبادر إلى ذهني هو أنني رجعت إلى الوراء عقدين من الزمن”.

وقال باسكو لبي بي سي هذا الأسبوع: “أعتقد أنهم كانوا خائفين من الاقتراب من الصحفيين بعد ذلك”.

وتابع قائلا: “في ذلك الوقت كانت روسيا تتمتع بسمعة دولية سيئة، لقد أُدمجت في الأطر الدولية القمعية، وكانت موسكو تهتم برأي العالم الخارجي فيها”.

وأضاف: “بعد استمرار فلاديمير بوتين في السلطة لمدة 20 عاماً لم يعد يهتم بما يفكر فيه أي شخص”، مشيراً إلى أن بوتين عدل للتو الدستور ليمنح نفسه فترتين جديدتين في الحكم.

ويرى باسكو أنه: “لا توجد مكابح الآن ولا قيود على ما يمكنهم أن يفعلوا، فهم يفعلون ما يشاؤون وكيفما يريدون وضد من يشاؤون” .

ويشك غريغوري باسكو في أنه قد ألقي القبض على سافرونوف مثله بسبب أخذه وانخراطه في القضايا الحساسة.

ويقول: “إنه بمثابة تحذير للصحفيين بعدم دس أنوفهم في هذه الأمور”.

 

بوتن وتصعيد حملة البحث عن الجواسيس:

جاء هذا التصعيد بعد أن أصبحت علاقات روسيا مع الغرب عدائية بشكل علني بسبب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم.

حيث زادت نسبة قضايا التجسس والخيانة التي تنظر فيها المحاكم الروسية بشكل كبير منذ عام 2014.

ووفقاً لإحصاءات المحكمة العليا، أنه منذ أن جرت محاكمة 4 أشخاص بتهمة الخيانة في عام 2013، فقد زاد العدد إلى 15 شخصا في عام 2014 .

ومنذ ذلك الوقت تمت محاكمة ما لا يقل عن 36 متهم، وإدانة 14 أجنبيا بالتجسس.

وفي كل عام يهنئ بوتين علناً جهاز المخابرات وضباطة لدورهم في كشف مئات الجواسيس والعملاء الأجانب، على الرغم من أنه من غير الواضح ما يحدث لهؤلاء الجواسيس.

وأكد رئيس إف إس بي السابق في فبراير/ شباط الماضي وهو يخاطب ضباط جهاز المخابرات على ضرورة حماية

“المعلومات المتعلقة بأحدث أنظمة الأسلحة والتكنولوجيا والابتكارات العسكرية”

وأشار إلى أن “الإحصائيات تُظهر أن نشاط جهاز الاستخبارات الأجنبية في بلدنا لا يتضاءل”.

 

ما هو سر هذا التصعيد في ملاحقة الجواسيس؟

يرى الكثير من السياسين أن السر يكمن في المادة 275 من قانون الخيانة التي تم تعديلها في عام 2012.

تنص المادة على (إن تقديم مساعدة مالية أو مادية أو استشارية أو مساعدة أخرى إلى دولة أو منظمة أجنبية جريمة يعاقب عليها القانون إذا رأى القضاء أنها تضر بأمن روسيا).

وتعليقا على هذة المادة تقول الصحفية والناشطة في مجال حقوق الإنسان زويا سفيتوفا: “هذا يعني أن بإمكانهم ملاحقة الجميع”.

وتابعة قائلة : “إنها المرة الثانية منذ 20 عاماً التي يُحاكم فيها صحفي بتهمة الخيانة لكن هوس الجاسوسية لم يتوقف أبداً”

وتضمنت حالات الخيانة ايضا خلال السنوات الأخيرة ربة منزل ومراقب حركة جوية والعديد من العلماء.

بالرغم من إن سجن ليفورتوفو الذي يتبع جهاز الأمن الاتحادي يكاد ينفجر من كثرة الجواسيس والخونة

الا إن الكرملين ينفي أن روسيا يسيطر عليها هوس الجاسوسية.

وقال المتحدث باسم الرئاسة، ديمتري بيسكوف، لبي بي سي يوم الجمعة إن:

“جهاز المخابرات الأجنبية لا تنام في روسيا: إنها تعمل ليل نهار ضد موظفي الخدمة المدنية وعناصر الأمن الروسي”.

“وعناصر جهاز محاربة الجاسوسية في روسيا لا يألون جهداً في مواجهة نشاط هؤلاء”.

ووصف الاحتجاجات ضد اعتقال سافرونوف بأنها “عاطفية”، لكن السرية التي تحيط بمثل القضايا تجعل من الصعب تقييمها تقييما موضوعيا.

يُمنع المتهمون من الكشف عن تفاصيل الدعوى وتجري المحاكمات خلف أبواب مغلقة

بسبب سرية المعلومات التي تتضمنها الدعاوى حسب رأي السلطات.

حتى فريق الدفاع عن الصحفي سافرونوف لا يعرف حتى طبيعة التهم الموجهة لموكلهم.

المصدر: بي بي سي نيوز العربية

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *